أخبار الأمم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أخبار الأمم

منتدى أخبار الأمم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 دولة الموحدين في المغرب

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ماءالعينين
Admin



المساهمات : 62
تاريخ التسجيل : 11/06/2008

دولة الموحدين في المغرب Empty
مُساهمةموضوع: دولة الموحدين في المغرب   دولة الموحدين في المغرب I_icon_minitimeالأحد يونيو 15, 2008 4:20 am

على أنقاض الدولة المرابطية قام الموحدون بتأسيس دولتهم التي كانت اعظم دولة اسلامية يشهدها المغرب حيث ضمت المغرب الاقصى و الاوسط و كذالك تونس ( التي انفصل بها الحفصيون بعد ذالك) و الاندلس..
تعتبر دعوة ابن تومت الذي لقب نفسه بالمهدي دعوة شيعية أراد من الاصلاح الديني و اصلاح احوال الناس كما زعم، غير أن المذهب الشيعي ام يستمر مع باقي سلاطين الدولة بتلك الحدة التي عرفتها دعوة ابن تومرت
أولا دعوة ابن تومرت

المهدي ابن تومرت (الزعيم الروحي للدولة الموحدية)
"منقول"
ذكر المؤرخون أن المهدي اسمه محمد بن عبد الله بن عبد الرحمان. وأنه ينتسب إلى قبيلة "هرغة" من قبائل مصمودة إحدى القبائل البربرية. واختلفوا في نسبهم هل كان بربريا أم أنه ينتهي إلى نسب النبي عليه السلام على أقوال. إلا أنهم يجمعون على أن ولادته كانت بمنطقة سوس وإن اختلفوا في تاريخ ميلاده، من أسرة كانت مشهورة بالعلم وبالمكانة الدينية، وهو ما عبر عنه ابن خلدون بقوله: "وكان أهل بيته أهل نسك ورباط" وقد أشار إليه المراكشي فيما ذكره من أن قومه يعرفون بالأشراف.
بدأ مساره العلمي بالتردد على بعض الكتاتيب لحفظ القرآن الكريم، حيث أبان عن نباهة كبيرة في تحصيله العلمي. كما تفيد بذلك بعض الإشارات في المصادر التاريخية. أحب العلم وكان شغوفا به وتاقت نفسه إلى علوم المشرق، والجلوس إلى كبار المشايخ هناك، خاصة منهم أبي حامد الغزالي الذي كان قد أبهر به أيما إبهار. فصمم على الرحلة إلى المشرق علها تحقق له بعضا من طموحاته.

رحلة ابن تومرت إلى المشرق

في أواخر القرن الخامس الهجري بدأ ابن تومرت رحلته في اتجاه المشرق. وتشير بعض المصادر إلى أن ابن تومرت بعد انطلاقه من جهة مراكش اتجه إلى الأندلس طالبا للعلم. وبعدما غادر الأندلس قصد مدينة المهدية حيث درس هناك على أبي عبد الله المازري..كما تشير تلك المصادر إلى أن ابن تومرت حل بعد ذلك بمدينة الاسكندرية المصرية، وتلقى هناك دروسا على أبي بكر الطرطوشي..وبعدما أدى فريضة الحج بمكة اتجه ابن تومرت إلى العراق. لم يذكر المؤرخون زيارة ابن تومرت للشام سوى المراكشي في "المعجب" في قوله: "وقيل إنه لقي أبا حامد الغزالي بالشام أيام تزهده، فالله أعلم".
وتمثل المرحلة التي استقر فيها ببغداد طالبا للعلم مرحلة في غاية من الأهمية في حياة ابن تومرت، حيث امتدت الفترة التي قضاها ابن تومرت بالمشرق أكثر من عشر سنوات.
وقد أورد ابن خلدون صيغة عامة في ذكره لمشايخ ابن تومرت بالمشرق دون أن يحدد أسماءهم حيث قال: "ودخل العراق، ولقي جلة العلماء يومئذ وفحول النظار، وأفاد علما واسعا"..من أبرز شيوخه الذين تتلمذ عليهم، الكيا الهراس، المبارك بن عبد الجبار، أبو بكر الشاشي، أبو بكر الطرطوشي..
وفي طريق عودته إلى المغرب بدأ في نشر العلم الذي لم يعد لديه مجرد علم نظري، بل حرك فيه دواعي العمل. فبدأ مسيرته الدعوية ملتزما بمبدئه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد حصلت له بسبب ذلك أحداث جسام، كان لها الأثر البالغ في مستقبل حياته.
وما أن وصل ابن تومرت إلى قريته بعد هذه الرحلة الغنية والطويلة حتى بدأ في مشروعه الفكري والسياسي الذي طالما رام تحقيقه.

قيام ابن تومرت بالدعوة الموحدية

كان هدف ابن تومرت أن يجعل من المجتمع المغربي مجتمعا يعيش الإسلام الصحيح حسب تصوره، أي عقيدة تقوم على التوحيد الخالص الذي ينتفي معه كل مظهر من مظاهر الشرك، والتشبيه، وسلوك فردي واجتماعي يخضع لأوامر الشرع ونواهيه، وحكم عادل يسهر على تطبيق الشرع، وتحقيق مصالح الناس، بموازاة مع عمل سياسي ينظم بمقتضاه أتباعه وأصحابه والمنتمين لدعوته، وعمل عسكري لردع كل ما من شأنه أن يحول دون تحقيق هذا المشروع، وخاصة في هذه الفترة القضاء على المرابطين الذين كانوا يقفون في وجهه.
وهكذا بدأ دعوته الإصلاحية في المغرب؛ فدعا الناس إلى التوحيد الخالص، ولهذا أُطلق على أنصاره اسم "الموحدين"، وسُميت الدولة التي قامت على دعوته دولة "الموحدين"، وجهر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودعا لنفسه على أنه المهدي المنتظر والإمام المعصوم الذي يحكم بين الناس بالعدل، واتخذ منهجا في الفقه يقوم على الدراسة المباشرة للقرآن والسنة دون دراسة فروع المسائل الفقهية التي كانت سائدة في المغرب على المذهب المالكي.
وكان المهدي ابن تومرت يجول بمختلف المدن المغربية داعيا الناس إلى الالتزام بالشرع الصحيح، ومحاربا مظاهر البدع والمنكرات. فلا غرابة في أن تحظى دعوته تلك استحسانا بين الناس.
أقام المهدي بن تومرت في مراكش وأخذ في الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعترض على سياسة الدولة المرابطية في بعض الأمور التي رآها مخالفة للشرع..
وبعد أن طرده علي بن يوسف من مراكش اتجه إلى"تينمل" حيث بدأ في تنظيم أصحابه وإعدادهم، استعدادا لمواجهة المرابطين. فجهز حملات عسكرية مشاركا المهدي في بعض منها، وقد تمكن من تحقيق بعض الانتصارات إلا أنها لم تبلغ الهدف المطلوب.
وفي عام (524 هـ= 1130م) أرسل المهدي حملة كبيرة بلغت حوالي 40 ألف جندي لمداهمة العاصمة المرابطية والاستيلاء عليها، لكنها فشلت في تحقيق ذلك، وهزمت جيوش الموحدين هزيمة ساحقة. ولما وصلت أنباء الهزيمة إلى المهدي الذي كان مريضا ساءت صحته وخاب أمله. ثم لم يلبث أن توفي في (13 رمضان 524هـ= 20 من أغسطس 1130م).

آثار ابن تومرت
لابن تومرت آثار عديدة شملت مختلف العلوم، من بين أشهرها "المرشدة في أصول الدين"، ورسالة في توحيد الباري، وكتاب "أعز ما يطلب". كما ألف في الفقه رسائل مختلفة منها : رسالة في الصلاة..

للمزيد يراجع:
- عبد المجيد النجار، المهدي بن تومرت
- ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون .
- عبد الواحد المراكشي، المعجب في تلخيص أخبار المغرب.
- حسين مؤنس: تاريخ المغرب وحضارته.
- أحمد بن خالد السلاوي: الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى.
- ابن عذارى، البيان المغرب

ثانيا : حقيقة دعوة ابن تومرت:
اختلف كثير من المؤرخين في تبيان حقيقة دعوة ابن تومرت هل كانت دعوة سلفية اصلاحية ام أنها دعوة باطنية اتخذ ظاهرها الامر بالمعروف و النهي عن المنكر لاستمالة الناس و باطنها الدجل و الافتراء خاصة مع ادعاءه النسب الحسني و أنه المهدي المعصوم المنتظر .
من خلال النص التالي " المنقول طبعا" نحاول التقرب من حقيقة هذه الدعوة:
ابن تومرت محمد بن عبد الله البربري الهرغي
العقيدة في آل البيت - أدعياء المهدية
الكاتب: د.محمد إسماعيل المقدم | 17/05/2005

في أواخر سنة 514 هـ ( 1120م ) وقعت بمدينة مرّاكش أول بادرة مؤذنة ببداية الثورة الدينية التي اضطلع بها محمد تومرت ضد الدولة المرابطية .
ففي ذات يوم جمعة ، من هذه السنة ، دخل إلى المسجد الجامع رجل صغير القد ، متواضع الهيئة ، وجلس على مقربة من المحراب بإزاء الموضع المخصص لجلوس أمير المسلمين ، فلما اعترض على ذلك بعض سدنة الجامع ، تلا الآية { وأنّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا } [الجن : 18] ، ولما حضر أمير المسلمين علي بن يوسف ، نهض سائر الحضور ، إلا ذلك الرجل ، فلما انتهت الصلاة بادر الرجل بالسلام على علي ، وقال له فيما قال (( غيّر المنكر في بلدك ، فأنت المسئول عن رعيتك )) ، وبكى ، فلم يجبه أمير المسلمين بشيء ، ولما عاد إلى القصر سأل عنه ، فقيل له : (( إنه قريب العهد بالوصول ، وهو يؤلف الناس ، ويقول لهم : إن السنة قد ذهبت )) ، فأمر علي بن يوسف وزيره عمر بن ين ينتان أن يكشف عن أمره ومقصده ، فإن كانت له حاجة ينظر في قضائها ، فقال الرجل : (( ليس لي حاجة ، وما قصدي إلا تغيير المنكرات )) .
كان هذا الرجل هو محمد بن تومرت ، وكان قد آب من رحلته إلى المشرق ، ونزل بمراكش ، بعد أن طاف ببعض مدن المغرب الشمالية ، وهو يدعو للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وأصل هذا الرجل من قبيلة هرغة إحدى بطون مصمودة الكبرى ، وقد اختلف في تاريخ مولده فيما بين 471 ، 491 ، واسمه محمد بن عبد الله ، ووالده من أهل السوس ، وكان يقال لوالده (( تومرت )) أي الضياء الذي يوقد في المسجد ، وقيل : إنه لما ولد فرحت بن أمه وسرّت ، فقالت بلسانها : (( آتومرت آينو أيسك آيبوي )) ، ومعناه : يا فرحتي بك يا بني ، وكانت إذا سئلت عن ابنها وهو صغير ، تقول : (( يك تومرت )) ، معناه : صار فرحاً مسروراً ، فغلب عليه اسم تومرت ، وتُرك دعاؤه باسمه الأول عبد الله(1) .
* قال الحافظ الذهبي في التعريف به :
(( الخارج بالمغرب ، المدّعي أنه علوي حسني ، وأنه الإمام المهدي ، وأنه معصوم ، وهو بالإجماع مخصور . رحل من السوس الأقصى شاباً إلى المشرق ، فحج ، وتفقّه ، وحصّل أطرافاً من العلم ، وكان لهجاً بعلم الكلام ، خائضاً في مزال الأقدام ، ألف عقيدة لقّبها بالمرشدة ، وحمل عليها أتباعه ، وسمّاهم الموحّدين ، ونبز من خالف (( المرشدة )) بالتجسيم ، وأباح دمه ، نعوذ بالله من الغيّ والهوى !
وكان خشن العيش ، فقيراً ، قانعاُ باليسير ، مقتصراً على زي الفقر ، لا لذّة له في مأكلٍ ، ولا منكح ، ولا مال ، ولا في شيء غير رياسة الأمر ، حتى لقي الله - تعالى - . لكنه دخل – والله – في الدماء ، لنيل الرياسة المردية .
وله فصاحةٌ في العربية ، والبربرية ، وكان يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويؤذى ، ويُضرب ، ويصبر .
أوذي بمكة ، فراح إلى مصر ، وبالغ في الإنكار ، فطردوه ، وآذوه ، وكان إذا خاف من البطش به خلّط وتباله ))(1) .
ثم سكن الثّغر(1) مدّة ، ثم ركب البحر إلى المغرب من الإسكندرية في أواخر سنة 511 هـ (1117 م ) ، ويقال إنه خرج منفياً من الإسنكندرية ، لما ترتب من شغب على نشاطه في مطاردة المنكر ، بيد أنه استمر في دعوته إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو على ظهر السفينة التي أقلته ، فألزم ركابها بإقامة الصلاة وقراءة القرآن ، واشتد في ذلك حتى قيل إن ركاب السفينة ألقوه إلى البحر ، فلبث أكثر من نصف يوم يسبح إلى جانبها دون أن يصيبه شيء ، فلما رأوا ذلك أنزلوا إليه من رفعه من الماء ، وقد عظم في نفوسهم ، وبالغوا في إكرامه . ولما وصل إلى المهدية ، نزل بمسجد من مساجدها ، وليس معه سوى ركوة ماء وعصا ، فتسامع به الناس ، وأقبل الطلاب يقرأون عليه مختلف العلوم وكان إذا شاهد منكراً من آلات الملاهي ، أو أواني الخمر ، بادر إلى إزالته وكسرها ، وأصابه بسبب ذلك بعض الأذى ، ووصل خبره إلى الأمير يحيى ابن تميم بن المعز بن باديس ملك أفريقية ، فاستدعاه مع جماعة من الفقهاء ، فلما رأى سمته ، واستمع إلى مناقشاته أعجب به وأكرمه وسأله الدعاء(1) فقال : (( أصلحك الله لرعيتك ! )) ، قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى : ( وسار إلى بجاية ، فبقي يُنكر كعادته ، فنُفي ، فذهب إلى قرية ملاّلة ، فوقع بها بعبد المؤمن(1) الذي, وكان أمردا عاقلا فقال: يا شاب ما اسمك قال: عبد المؤمن ، قال : (( الله أكبر ، أنت طلبتني فأين مقصدك ؟ )) ، قال : طلب العلم ، قال : (( قد وجدت العلم والشرف ، اصحبني )) ونظر في حليته ، فوافقت ما عنده مما ادعى أنه اطلع عليه من كتاب الجَفْر ، فقال : (( ممن أنت ؟ )) ، قال : (( من كومية )) (1) ، فربط الشاب ، وشوّقه إلى أمور عشقها ، وأفضى إليه بسره، وكان في صحبته الفقيه عبد الله اونشريسي ، وكان جميلاً نحوياً ، فاتفقا على أن يخفي علمه ، وفصاحته ، ويتظاهر بالجهل واللّكن مدةً ، ثم يجعل إظهار نفسه معجزةً ، ففعل ذلك ، ثم عمد إلى ستة من أجلاد أتباعه ، وسار بهم إلى مراكش(1) ، وهي لابن تاشفين ، فأخذوا في الإنكار(1) ن فخوّفوا الملك منهم ، وكانوا بمسجد خراب ، فأحضرهم الملكُ فكلموه فيما وقع فيه من سبّ الملك ، فقال : (( ما نقل من الوقعية فيه فقد قلته ، ولي من ورائه أقوال ، وأنتم تطرونه ، وهو مغرور بكم ، فيا قاضي ، هل بلغك أنّ الخمر تباع جهاراً ، وتمشي الخنازير في الأسواق ، وتؤخذ أموال اليتامى ؟ )) ، فذرفت عينا الملك ، وأطرق ، وفهم الدّهاة طمع ابن تومرت في الملك ، فنصح مالك بن وهيب – وكان عالماً صالحاً – سلطانه ، وقال : (( إني خائفٌ عليك من هذا ، فاسجنْه ، وأصحابه ، وأنفق عليهم مؤنتهم ، وإلا أنفقت عليهم خزائنك )) (1) ، فوافقه فقال الوزير : (( يقبح بالملك أن يبكي من وعظه ، ثم يُسيء إليه في مجلس ، وأن يظهر خوفك – وأنت سلطان – من رجل فقير )) ، فأخذته نخوةٌ ، وصرفه ، وسأله الدّعاء ) (1) . اهـ .
(( لقد تنبه الفقيه مالك بن وهيب الأندلسي إلى أن ابن تومرت ليس طالب آخره ، وإنما هو طالب سلطان ، وأشار على الأمير علي بن يوسف بقتله ليكتفي شره لأنه إذا وقع في بلاد المصامدة ألّبهم على المرابطين ، ولكن وزير علي بن يوسف ينتان بن عمر ، وسير بن وربيل ، أقنعا أمير المسلمين علي بن يوسف بعدم الأخذ برأي مالك بن وهيب .
وألحّ مالك بن وهيب على أمير المسمين(1) بتخليده في السجن إذا لم يقْتله ، وقال له : (( اجعل عليه كبلاً ، كي لا تسمع له طبلاً )) ، فوافقه على ذلك ، وحال ينتان مرة ثانية دون الأخذ برأي مالك بن وهيب ، والذي خاطب أمير المسلين قائلا : (( يا أمير المسلمين ، هذا وهنٌ في حق الملك أن تلتفت لهذا الرجل الضعيف ، فخلّ سبيله ، إنه رجل لا يملك سد جوعه )) . لقد أصابت كلمات الوزير ينتان عزة نفس أمير المسلمين ، فاستصغر شأنه ، وأمر بإطلاق سراحه ، على شرط أن يخرج من بلاد أمير المسلمين(1) .
لقد صدقت فراسة مالك بن وهيب في ابن تومرت ، وندم ابن تاشفين ، بعد فوات الأوان لأنه لم يأخذ برأيه(1) ، لقد كان ابن تومرت مولعاً بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وكان ينطوي قلبه – والله تعالى أعلم – على أغراض أخر يشي بها قوله لبعض أصحابه ، قبل خروجه بالمغرب :
دعني ففي النفس أشياء مخبأةٌ لألبسنّ لها درعاً وجلبابا
كيما أطهر دين الله من دنس وأوجب الفضل للسادات إيجاباً
تالله لو ظفرت كفي بمطلبها ما كنت عن ضرب أعناق الورى آبى(1).
وكان يتمثل بقول المتنبي :
ومن عرف الأيام معرفتي بها وبالناس روّى رُمحهُ غير راحم
فليس بمرحوم إذا ظفروا به ولا في الردى الجاري عليهم بآثم(1)
( وسار ابن تومرت إلى أغمات ، فنزلوا على الفقيه عبد الحق المصمودي ، فأكرمهم ، فاستشاروه ، فقال : (( هنا لا يحميكم هذا الموضع ، فعليكم بتينمل ، فهي يومٌ عنا ، وهو أحصن الأماكن ، فأقيموا به برهة كي ينسى ذكركم )) ، فتجدد لابن تومرت بهذا الاسم ذكرٌ لما عنده(1) ، فلما رآهم أهل الجبل على تلك الصورة ، علم أنهم طلبة علم فانزلوهم وأقبلوا عليهم ثم تسامع به أهل الجبل فتسارعوا إليهم ، فكان ابن تومرت من رأى فيه جلادة ، عرض عليه ما في نفسه ، فإن أسرع إليه ، أضافه إلى خواصه ، وإن سكت ، أعرض عنه . وكان كهولهم ينهون شُبّانهم ، ويحذرونهم(1) ، وطالت المدة ، ثم كثُر أتباعُه من جبال درن ، وهو جبل الثلج ، وطريقُه وعرٌ ضيق .
قال اليسع في (( تاريخه )) : (( لا أعلم مكاناً أحصن من تينملل ، لأنها بين جبلين ، ولا يصل إليهما إلى الفارس ، وربما نزل عن فرسه في أماكن صعبة ، وفي مواضع يعبر على خشبة ، فإذا أزيلت الخشبة ، انقطع الدرب ، وهي مسافة يوم ، فشرع أتباعه يغيرون ، ويقتلون ، وكثُروا ، قووا ، ثم غدر بأهل تينملل الذين آووه ، وأمر خواصه ، فوضعوا فيهم السيف(1) ، فقال له الفقيه الإفريقي أحد العشرة من خواصه : (( ما هذا ؟! قومٌ أكرمونا وأنزلونا ، نقتلهم ؟!! )) فقال لأصحابه : (( هذا شك في عصمتي ، فاقتلوه ، فقُتل )) .
قال اليسع : (( وكل ما أذكره من حال المصامدة ، فقد شاهدته ، أو أخذته متواتراً ، وكان في وصيته إلى قومه إذا ظفوا بمرابط ، أو تلمساني ، أن يحرقوه ) (1) .
( وقبل أن يعطي ابن تومرت الأمر لجيوشه بالانقضاض على المرابطين ، للاستيلاء على عاصمتهم مراكش ، أراد أن يُطهّر صفوفه من بعض الأشخاص الذين يشك في ولائهم له ، فأوعز في عام 519 هـ / 1129 م لصديقه الحميم الونشريسي ، الذي كان يُظهر البلاهة ، بينما هو عالم ، أن يُظهر ما لديه من علم دفعة ًواحدة ، ليكون ذلك بمثابة المعجزة لابن تومرت ، وكان الونشريسي ، باتفاق مع ابن تومرت ، قد حفظ أسماء من شعر أنهم يشكون في مهدية ابن تومرت ، وكان – أيضاً – ابن تومرت قد طلب من القبائل تزويده بأسماء المشاغبين ، فدفعها إلى الونشريسي ، فحفظها ، وبعد صلاة الفجر تقدم الونشريسي ( الكاذب ) ، وأعلن أنه جاءه البارحة ملكان ، وشقا قلبه ، وغسلاه ، وحشواه علماً ، وحكمة ، فاختبره القوم ، فعجبوا من شدة حفظه ، ثم شهد لابن تومرت بالمهدية . ثم قال : (( اعرض عليّ أصحابك ، حتى أميز أهل الجنة من أهل النار ، وقد أنزل الله تعالى ملائكته إلى البئر التي في المكان الفلاني ، يشهدون بصدقي ، وكان المهدي قد وضع فيها رجالاً لهذا الغرض ، فسار المهدي وأتباعه إلى ذلك البئر ، وبعد أن وقف على رأسها ، قال : (( يا ملائكة الله ، إن عبد الله الونشريسي قد زعم كيت ، وكيت )) ، فقال من فيها : (( صدق )) ، فصدّقه الناس ، ثم أمر بطمر البئر بحجة أنها مقدّسة ، وواضح أن طمره للبئر كان بسبب خوفه من أن يفضحوا أمره ، مما سيكون له أسوأ الأثر على دعوته ، وكشف زيفها ) (1) .
* قال الإمام الذهبي – رحمه الله – يصف هذه المذبحة المروعة :
(فلما كان عام تسعة عشر وخمس مئة ، خرج يوماً ، فقال : (( تعلمون أن البشير – يريد الونشريسي – رجلٌ أمي ، ولا يثبتُ على دابّة ، فقد جعله الله مُبشراً لكم ، مطّلعاً على أسراركم ، وهو آيةٌ لكم ، قد حفظ القرآن وتعلّم الركوب )) وقال : (( اقرأ )) ، فقرأ الختمة في أربعة أيام ، وركب حصاناً ، وساقه ، فبُهتوا ، وعدّوها آيةٌ ، لغباوتهم ، فقام خطيباً ، وتلا : { ليميز الله الخبيث من الطيب } [ الأنفال : 37 ] ، وتلا : { منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون } [ آل عمران : 110 ] ، فهذا البشير مطلع على الأنفس ، مُلهم ، ونبيّكم صلى الله عليه وسلم يقول : (( إنّ في هذه الأمة محدثين ، وإنّ عمر منهم )) (1) ، وقد صحبنا أقوامٌ أطلعه الله علي سرهم ، ولا بد من النظر في أرمهم ، وتيمم العدل فيهم ، ثم نودي في جبال المصامدة : (( من كان مطيعاً للإمام ، فليأت )) ، فأقبلوا يهرعون ، فكانوا يعرضون على البشير ، فيُخرج قوماً على يمينه ، ويعُدّهم من أهل الجنة ، وقوماً على يساره ، فيقول : (( هؤلاء شاكّون في الأمر )) ، وكان يُؤتى بالرجل منهم ، فيقول (( هذا تائب ، ردّوه على اليمين ، تاب البارحة )) فيعترف بما قال ، واتفقت له فيهم عجائب ، حتى كان يُطلق أهل اليسار ، وهم يعلمون أن مآلهم إلى القتل ، فلا يفرّ منهم أحد ، وإذا تجمّع منهم عدة ، قتلهم قراباتُهم ، حتى يقتل الأب ابنه ، والابن أباه ، والأخ أخاه .
قال : (( فالذي صحّ عندي أنهم قتل منهم سبعون ألفاً على هذه الصفة ، ويُسمّونه التمييز )) (1) .
ويبدو أن الذي دفع ابن تومرت للقيام بعمليات التمييز هو تراجع عدد كبير من الداخلين في دعوته عنها ،وذلك بسبب ما تحمله من غلو ، وشطط ، فقام بهذه العملية للتخلص من الذين يشك في إخلاصهم ، خشية أن يقوى رد الفعل المضاد لدعوته(1) .
( لقد علم ابن تومرت أن الباقين من أهل وأقارب المقتولين لا تطيب قلوبهم بذلك ، فجمعهم ، وبشرهم بانتقال مراكش إليهم ، واغتنام أموال المرابطين ، فسرهم ذلك وسلّاهم عن أهلهم ، ثم ندبهم إلى قتال المرابطين ، وتحول موقف الموحدين من الدفاع إلى الهجوم ، وبعد سلسلة من الحملات الناجحة التي قام بها ابن تومرت على معاقل المرابطين أراد أن يحسم الأمر بإسقاط عاصمة المرابطين مراكش ) (1)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماءالعينين
Admin



المساهمات : 62
تاريخ التسجيل : 11/06/2008

دولة الموحدين في المغرب Empty
مُساهمةموضوع: رد: دولة الموحدين في المغرب   دولة الموحدين في المغرب I_icon_minitimeالأحد يونيو 15, 2008 5:04 am

كما يرى البعض ان دعوة ابن تومرت كانت خليطا من الظاهرية و الشافعية و المالكية و ا لكلامية و حتى الشيعية مبلورا دعوة خاصة به و ملائمة لبيئته.

لم يكن ابن تومرت رجل دولة الموحدين فهو اسس الدعوة و اطلق شرارتها لكنه مات قبل أن تحصد ثمارها غير أن خلف رجلا ( عبد المومن الكومي) الذي و بحنكته و قوته أسس دعائم أكبر دولة شهدها المغرب.
ثالثا : الدولة الموحدية
بعد وفاة ابن تومرت خلفه عبد المومن الذي قام تنظيم الدعوة و هياكلها ( مجلس الاربعين و مجلس العشرة ) ثم عمل على جمع الحشود لمهاجمة مراكش و القضاء على المرابطين (سقوط مراكش عام 1147 م) فلما تمكن عبد المؤمن بن علي من بسط نفوذه على المغرب بدأ في إرسال جيش إلى الأندلس سنة (541هـ = 1146م)، فاستعاد إشبيلية واتخذها الموحدون حاضرة لهم في الأندلس، ونجح يوسف بن علي قائد جيش الموحدين من بسط نفوذه على بطليوس وشمنترية، وقادس، وشلب، ثم دخلت قرطبة وجيان في طاعة الموحدين سنة (543هـ= 1148م)، واستعادوا "المرية" سنة (552هـ = 1157م) من يد الأسبان المسيحيين، وبذلك توحدت بقية الأندلس الإسلامية تحت سلطانهم، وعين عبد المؤمن ابنه "أبا سعيد عثمان" واليًا عليها.

وفي سنة (555 هـ = 1160م) أمر عبد المؤمن ابنه ببناء حصن ومدينة على سفح جبل طارق الذي سُمّي بجبل الفتح –ولا تزال قطعة من هذا البناء باقية إلى اليوم في جبل طارق وتعرف بالحصن العربي- وعلى إثر ذلك عبر عبد المؤمن من طنجة إلى الأندلس ونزل بجبل الفتح، وأقام شهرين أشرف خلالهما على أحوال الأندلس ثم عاد إلى مراكش.

وقبل أن يعبر عبد المؤمن إلى الأندلس كان قد تمكن في سنة (547 هـ = 1152م) من فتح المغرب الأوسط وضم إلى دولته الجزائر وبجاية وقلعة بني حماد، وجعل ابنه عبد الله واليًا على المغرب الأوسط، وعهد إليه بمواصلة الفتوح شرقًا، فنجح فيما عُهد إليه، كما نجح في القضاء على النورمانديين الصليبيين وطردهم من تونس التي كانوا قد احتلوها. وفي أواخر أيام عبد المؤمن حدث تمرد في شرق الأندلس، فأسرع إلى هناك وقمع الثائرين وقضى على الفتنة، ثم عاد إلى المغرب، وعندما وصل إلى "سلا" نزل به المرض، ولم يلبث أن توفي في (10 من جمادى الآخرة 558 = 16 من مايو 1162م) ودفن في "تينملل" بجوار قبر المهدي بن تومرت.
بعد و فاته بايع المشايخ ابنه ابو يعقوب يوسف ( بعد اخيه الاكبر الذي ظل في الحكم شهرا) و قد عرف حكمه بالصلاح و العدل و حب الجهاد ،استشهد في معركة شنترين و خافه ابنه ابو يوسف يعقوب المنصور .

أبو يوسف يعقوب المنصور (العصر الذهبي للدولة الموحدية)


هو يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، ويكنى أبا يوسف، ثالث الخلفاء الموحدين اشتهر بحب العلم واحترام العلماء. وقد وصفه أحمد بابا التنبكتي بأنه "كان غاية في العلم والتفنن" وأكثر اهتمامه كان بالقرآن والحديث، وبلغ من اهتمامه بهما أنه أمر جماعة من العلماء بجمع أحاديث من المصنفات المعتبرة في الحديث تتعلق بمسائل الفقه، وجعل يعلمها للناس بنفسه ويأخذهم بحفظها.



وكان المنصور شديد العناية بطلبة العلم وخاصة علم الحديث، فقد نالوا عنده من الحظوة ما لم ينالوا في أيام أبيه وجده، مما جعل بعض الموحدين يحسدونهم على موضعهم منه وتقريبه إياهم، ولما علم بذلك منهم قال يوما بحضرة كافة الموحدين: يا معشر الموحدين، أنتم قبائل، فمن نابه منكم أمر فزع إلى قبيلته، وهؤلاء الطلبة لا قبيل لهم إلا أنا، فمهما نابهم أمر فأنا ملجؤهم، والي فزعهم والي ينتسبون"
ولي الوزارة أيام أبيه فبحث عن الأمور، وطالع أحوال العمال والولاة والقضاة وغيرهم، فدبرها بحسب ذلك، وحسبما يقتضيه الزمان والإقليم.
ولما مات أبو يعقوب جدد المصامدة البيعة لابنه أبي يوسف والناس عامة. وكان من أوائل من سعى إلى بيعته ابن عمه أبو زيد عبد الرحمن بن عمر بن عبد المؤمن، فتم له الأمر وبايعه الناس.
وفي عهد أبي يوسف المنصور، بلغت الدولة الموحدية أوج ازدهارها، حيث تعتبر السنوات الخمس عشرة التي حكمها العصر الذهبي للدولة الموحدية، والذروة التي وصل إليها التطور السياسي في المغرب نحو إقامة الدول الكبرى في العصور الوسطى.
قام بمجهودات كبيرة من أجل الحفاظ على الوحدة الترابية للدولة الموحدية، كما قام بحملات عسكرية في اتجاه الأندلس، حيث اجتاز البحر إلى الأندلس عدة مرات صد فيها عدوان الإسبان وكان آخرها عام 591هـ في الوقعة التي هزم فيها ألفونسو الثامن هزيمة منكرة وعرفت بوقعة (الأرك) 479هـ.
كما كان اهتمامه متجها إلى عملية التشييد والبناء، ولعل من أبرز المآثر التي خلفها بناؤه لمدينة الرباط. ويروي المراكشي قصة بناء هذه المدينة حيث يقول: " ثم شرع في بنيان المدينة العظمى التي على ساحل البحر والنهر من العدوة التي تلي مراكش، وكان أبو يعقوب ـ رحمه الله ـ هو الذي اختطها ورسم حدودها وابتدأ في بنيانها، فعاقه الموت المحتوم من إتمامها، فشرع أبو يوسف ـ كما ذكرناـ في بنيانها على أن أتم سورها، وبنى فيها مسجدا عظيما كبير المساحة واسع الفناء جدّا، لا أعلم في مساجد المغرب أكبر منه، وعمل له مئذنة في نهاية العلوّ، على هيئة منار الإسكندرية، يصعد فيه بغير درج، ... ولم يتم هذا المسجد إلى اليوم..."
كما اهتم بالجانب العلمي والفكري، حيث دعا إلى ضرورة إهمال كتابات المهدي والاكتفاء بالدراسة المباشرة للنصوص القرآنية والحديثية. وهو ما نص عليه عبد الواحد المراكشي في خبر رواه في كتاب المعجب: "وبعد ذلك –أي موقعة الأرك- كان إقدام أبي يوسف يعقوب المنصور على صرف الناس عن كتب الفروع، وهي الأسس التطبيقية لمذهب مالك، فأمر بالعودة إلى الكتاب والسنة وترك كتب المذهب والتي كان خصوم المذهب المالكي يسمونها بكتب الفروع، أي كتب التفاصيل التطبيقية التي كان معظم الفقهاء يقتصرون عليها وعلى تطبيق ما فيها دون تكليف أنفسهم الرجوع إلى أصول الشريعة وهي الكتاب والسنة، فكان معظمهم لذلك مقلدين قد استغنوا بالتقليد عن الاجتهاد، فأمر بإحراق كتب المذهب بعد أن يجرد ما فيها من القرآن وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففعل ذلك فأحرق منها جملة في سائر البلاد كمدونة سحنون وكتاب (أبي) سعيد بن يونس، ونوادر ابن أبي زيد ومختصره، وكتاب التهذيب للبرادعي، وواضحة ابن حبيب، وما جانس هذه الكتب ونحا نحوها.
ويضيف المراكشي بعد ذلك قائلا: "فكان قصده في الجملة محو مذهب مالك وإزالته من المغرب مرة واحدة، وحمل الناس على الظاهر من القرآن والحديث وهذا المقصد بعينه كان مقصد أبيه وجده إلا أنهما لم يظهراه وأظهره يعقوب هذا"
وربما كان مقصد أبي يعقوب المنصور هو صرف الناس عن الانكباب والاهتمام بكتب الفروع التي لا تحتوي سوى أحكام جامدة، وليس بالضرورة القضاء على المذهب المالكي كما رام المراكشي إثباته. وما زال يشيد ويبني حتى توفي سنة 595.

للمزيد يراجع:
- ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون – دار الكتاب اللبناني – بيروت – 1981م.
- عبد الواحد المراكشي، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، ضبطه وصححه وعلق على حواشيه وأنشأ مقدمته محمد سعيد العريان ومحمد العربي العلمي. دار الكتاب، البيضاء، الطبعة السابعة 1978
- حسين مؤنس: تاريخ المغرب وحضارته – العصر الحديث للنشر والتوزيع – بيروت – 1412 هـ = 1992م.
- أحمد بن خالد السلاوي: الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى ـ دار الكتاب ـ الدار البيضاء ـ المغرب ـ 1954م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماءالعينين
Admin



المساهمات : 62
تاريخ التسجيل : 11/06/2008

دولة الموحدين في المغرب Empty
مُساهمةموضوع: رد: دولة الموحدين في المغرب   دولة الموحدين في المغرب I_icon_minitimeالأحد يونيو 15, 2008 5:35 am

بعد وفاة السلطان يعقوب المنصور دخلت دولة الموحدين في مرحلة الضعف نتيجة تحكم المشايخ في السلطة و تنازع أمراء الدولة الموحدية و خروج بعض الولاة عن السلطة المركزية ( الحفصيين مثلا في تونس او بني عبد الواد في الجزائر) كما كان لمعركة العقاب دورا في تراجع النفوذ الموحدي و بداية حملة الاسترداد الصليبية في الاندلس و تجرؤهم على شواطئ المغرب)
الإمبراطورية الموحدية في دور الانحلال
من المعروف أن الدولة الموحدية أعظم دولة إسلامية قامت في المغرب، بما كان لها من سعة الرقعة، وانبساط النفوذ، في الشمال الإفريقي والأندلس، وفي عهدها بلغت العلوم والآداب والصناعات شأنا عظيما في التقدم والازدهار.



أخذ يبدو ضعف الموحدين بعد موقعة العقاب (609 ﻫ 1209م) وهي التي أفضت ـ على حد تعبير ابن الأبار(1) ـ إلى خراب الأندلس، وكانت السبب الأقوى في تحيف الروم بلادها حتى استولت عليها. وقد كان أثر هذا الحادث بالأندلس أسبق منه في بقية أجزاء الإمبراطورية الموحدية، فمنذ سنة( 610 ﻫ 1210م) أخذت مدن أندلسية تسقط بيد إسبانيا النصرانية دون أن يستطيع الموحدون الدفاع عنها(2) .

بداية الانحلال
وفي المغرب الأقصى في الخصوص، يبتدئ الانحلال الموحدي من سنة( 615ﻫ 1215م ) وتتلاحق بوادر الضعف الحكومي، فقد انحسر نفوذ السلطة إلى المدن خاصة، حيث اعتصم بها الولاة، الذين لم يعد لهم نفوذ على البوادي، كما اشتغلت الثورات في كثير من الجهات، وانعدم الأمن في الطرقات وظهرت المناكر، بينما امتنع عامة الشعب من أداء الضرائب(3). وزاد الأمر خطورة أن السلطة المركزية انتابتها فوضى، وأصبح أشياخ الموحدين يتلاعبون بملوكهم، فخلعوا عبد الواحد بن يوسف الأول ثم قتلوه سنة( 621 ﻫ 1221م ) وبايعوا ـ بعده ـ العادل، ثم خنقوه وبايعوا المأمون، ثم نكثوا وبايعوا ابن أخيه يحيى في الحين(4) . وساوق هذه الهزاهز غلاء ومجاعات اجتاحت المغرب والأندلس سنوات طويلة(5) .
وقد نشأ عن هذا كله انحلال في حياة المملكة الموحدية: ففي المغرب توقفت حركة الحراثة في البوادي(6) ، كما أن عددا من المدن انتابها الخراب : ففي فاس اضمحلت كثير من المنشئات الصناعية والعمرانية. كما كثر الخراب في ديار مدينة مراكش (7) وفي مكناس اندثرت مدائنها القديمة ولم يبق منها سوى الصوامع والأطلال العتيقة (Cool وفي الرباط تهدم جامع حسان الذي نقضه السعيد الموحدي ليصنع بخشبه الأجفان الغزوانية (9) وفي هذه الفترة أيضا خربت ، نهائيا ـ مدينة مغيلة (10) التي لا تزال أطلالها قائمة غرب مدينة فاس.

تزايد الأطماع الخارجية
يضاف لهذا أن أمن المغرب الخارجي صار مهددا نتيجة القوى الداخلية، وهكذا تعرضت عدة مدن شاطئية لهجمات بحرية، فقد شدد الجنويون الحصار على سبتة، ونصبوا عليها المجانيق وآلات الحرب وأسرفوا في التضييق عليها حتى صالحهم أهلها بأربعمائة ألف دينار، فاقلعوا عنها سنة 633ﻫ (11) ، وفي سنة 658 ﻫ هاجم القشتاليون مدينة سلا ودخلوها وخربوها (12) ، وفي سنة 668 ﻫ دخل النصارى حصن العرائش وحصن شمس فقتلوا الرجال وسبوا النساء والأموال وأضرموا في الحنين نارا ثم ارتحلوا (13) قال في الاستقصا (14) : ولم يبين في القرطاس هؤلاء النصارى من هم.
ولقد فكر فرديناند الثالث ملك قشتالة في أن يعبر البحر بأسطول إلى إفريقية ويغزو هنالك ويفتتح، وقام أسطول قشتالة بالفعل بإحراز نصر على الأسطول المغربي سنة 649 ﻫ 1251م(15) .

تراجع الدولة الموحدية في الأندلس
أما في الأندلس فقد افترقت كلمة الأمراء الموحدين بها، وتحاربوا على الخلافة، واستجاروا بجيرانهم، وأمكنوهم من كثير من الحصون الإسلامية طمعا في التغلب، وفي سنة 625 ﻫ قام ابن هود بمرسية وشرق الأندلس وقضى على النفوذ الموحدي بالأندلس، وبعده ـ في سنة 629ﻫ ـ ثار محمد بن يوسف ابن الأحمر بغرب الأندلس، وثارت الحروب بينه وبين ابن هود، وفي خلال هذه التقلبات التي مرت بالأندلس كانت القواعد والمدن والحصون تتساقط بيد إسبانيا النصرانية، وكان عدد من الجهات ينزل عنها ابن هود وابن الأحمر فيتملكها هؤلاء الإسبانيون بدون قتال، وقد بلغت الجزية التي كان يؤديها ابن هود أربعمائة ألف دينار سنوية(16) .
ثم آلت الحال بالأندلس ـ سنة 663 ـ إلى أن عزم الفونسو ملك قشتالة على استئصال الصبابة التي تبقت للمسلمين بالأندلس، وقرر أن يبعث إلى كل بلدة جيشا لمحاصرتها(17) .
ولا ننسى أن نذكر -بعد هذا ـ أنه في هذه الفترة كان قد انفصلت عن المملكة الموحدية تونس التي قامت بها الدولة الحفصية ابتداء من سنة 625 ﻫ ثم الجزائر التي ظهرت بها دولة بني عبد الوادي من سنة 631 ﻫ.

وهكذا نتبين مظاهر الضعف الذي لحق المملكة الموحدية خلال النصف الأول من القرن السابع الهجري، وطبيعي أن يتبع هذا انحطاط في العلوم، والآداب والصناعات، وانتكاس في المستوى الأخلاقي والاجتماعي، وقد كانت هذه ـ مضافة إلى مظاهر الضعف الأخرى ـ من الأسباب التي أطاحت بالدولة الموحدية العظيمة، حيث تناثرت أجزاء إمبراطوريتها في الأندلس والشمال الإفريقي، وقد صار المغرب الأقصى من نصيب الدولة المرينية..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ذاكرة الايام




المساهمات : 7
تاريخ التسجيل : 15/06/2008

دولة الموحدين في المغرب Empty
مُساهمةموضوع: رد: دولة الموحدين في المغرب   دولة الموحدين في المغرب I_icon_minitimeالأحد يونيو 15, 2008 5:36 pm

موضوع جميل وشيق شكرا استاذ ماء العينين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
karem2001




المساهمات : 108
تاريخ التسجيل : 06/06/2008

دولة الموحدين في المغرب Empty
مُساهمةموضوع: رد: دولة الموحدين في المغرب   دولة الموحدين في المغرب I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 17, 2008 5:00 pm

من المثير للاهتمام فى تاريخ المغرب العربى هو كثرة الدول التى توالت عليه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دولة الموحدين في المغرب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أخبار الأمم :: منتدي التاريخ الإسلامي :: بلاد المغرب والأندلس-
انتقل الى: